مصر: احتفالات "شم النسيم" تكسر موجة مقاطعة الأسماك

مصر: احتفالات "شم النسيم" تكسر موجة مقاطعة الأسماك

06 مايو 2024
متجر أسماك مملحة في نبروه، شمالي مصر، إبريل 2023 (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مصر، يحتفل المستهلكون بشم النسيم بشراء الفسيخ والرنجة رغم ارتفاع أسعارهما بنسبة 50%، مع تفاوت الأسعار حسب المنطقة والنوع.
- تغيرات في أنماط الشراء تظهر بتفضيل المستهلكين لكميات أقل بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، وتقديم المحال التجارية لوجبات معبأة بكميات محدودة للحفاظ على التقاليد.
- تواجه صناعة الفسيخ والرنجة تحديات مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج وسيطرة الحكومة وشركات الجيش على الموارد، مما يؤثر على الأسعار النهائية للمستهلكين.

أقبل المستهلكون في مصر على شراء كميات هائلة من الفسيخ والرنجة (الأسماك المملحة)، خلال الأيام الماضية، استعداداً للاحتفال بأعياد الربيع (شم النسيم). واحتلت الوجبة الشعبية قوائم الطلبات في المراكز التجارية والأسواق الشعبية، رغم ارتفاع الأسعار بمعدل 50% عن نفس المستويات السائدة العام الماضي. 

عرضت سلاسل المحال الشهيرة المنتشرة في الأقاليم والعاصمة سعر كيلوغرام بطارخ الفسيخ البلدي بسعر يبدأ من 1800 جنيه ويصل إلى 2400 جنيه، وفسيخ بحيرة البرلس شمال الدلتا خفيف الملوحة بـ480 جنيهاً، والدمياطي بـ450 جنيهاً، في حين يتراوح سعر الملوحة البلدي التي تأتي من أسوان وجنوب الوادي من 240 إلى 360 جنيهاً (الدولار = نحو 48 جنيهاً).

ترتفع الأسعار في المراكز التجارية والمحال الشهيرة التي تبيع الفسيخ والرنجة المحلية بنحو ضعف القيمة السائدة بالأسوق. وأنهى إقبال المواطنين على شراء الفسيخ والسردين المملح حملة دعمتها جهات رسمية والغرف التجارية لمقاطعة شراء الأسماك، استمرت أسبوعين، لمواجهة غلاء الأسعار.

يقبل المواطنون على تناول الأسماك الطازجة والمملحة بأنواعها عند الظهيرة، بعد إفطار يشمل البيض الملون و"الملانة" الحمص الأخضر، أو الفول الأخضر الطازج. يتشارك الأغنياء والفقراء في الاحتفاء بشم النسيم، إذ يحصل الجميع على إجازة مسجلة على جدران المعابد الفرعونية، وطُبقت مجدداً منذ 100 عام.

يبدي محمد شاهين، أحد الأسماء الشهيرة في تجارة الأسماك المملحة في العاصمة، مخاوفه من تراجع الطلب على الفسيخ، مع ارتفاع أسعار الأسماك وعدم سماح الحكومة باستيراد أنواع أجنبية. يقول شاهين إن الإقبال على شراء الفسيخ في يوم شم النسيم يظل أكبر سوق للطلب على الأسماك المملحة طوال العام، بينما تتراجع معدلات البيع في السنوات الأخيرة، مع تحول الوجبة الشعبية إلى ترفيهية يقبل عليها عشاق الأسماك المملحة في المناسبات الاجتماعية الخاصة، أو عند الاشتياق إليها بشدة.

ويقول محسن الهلوتي، وهو أحد تجار الأسماك النازحين إلى مدينة الجيزة، غرب العاصمة، من مصب فرع النيل بدمياط لـ"العربي الجديد" إن الإقبال على شراء الفسيخ لم يتراجع كثيراً من حيث عدد المستهلكين، لكن تراجع من حيث الكمية، لأن عشاق الفسيخ والسردين لن يتخلوا عن وجبتهم المفضلة. ويشير الهلوتي إلى أنّ ظاهرة الشراء شهدت تغيرا في الطلب.

ويبين وجود تغير في طلب الكميات، حيث كانت العائلات تتجمع لتناول الوجبة الشعبية يوم شم النسيم، فتتعاقد على الشراء مع الباعة، قبل الإجازة بيومين على الأقل، وكانت المشتريات تصل إلى ما بين 5 و10 كيلوغرامات من مختلف الأصناف، بينما الآن يطلب المشترون كميات قليلة، دفعت المحال إلى تجهيز وجبات محدودة تباع بالغرام.

يؤكد الهلوتي أن الرائحة النفاذة للفسيخ والسردين تستدعي تناول الوجبة في الهواء الطلق بالحدائق والأماكن الفسيحة، بينما يفضل الناس حالياً تناولها في بيوتهم صغيرة الحجم، ما يدفعهم للجوء إلى طلب "تشفية" الأسماك المملحة (أي تنظيفها) لتناولها خالية من الأشواك.

انتشرت ظاهرة بيع الوجبة الشعبية بعبوات تبدأ بوزن يتراوح بين 250 غراماً وألف غرام، بعضها ينقع في زيت الطعام أو الزيتون، للحفاظ عليه من التلف السريع وتخفيف حدة الملوحة. ساعدت الوجبات المعبأة في تنشيط مبيعات المحال التي يتوارث أصحابها المهنة والسمعة عن الأجداد، بينما أغلقت أخرى لم تواكب التطورات في صناعة الفسيخ والسردين، التي أضيفت إليها تجارة أسماك الرنجة والأسماك المطهوة طوال العام.

تكتسب العائلات شهرتها من امتداد أصولها من المحافظات الموردة الفسيخَ بأنحاء البلاد، وتأتي مدينة نبروه بالدقهلية وبيلا بكفر الشيخ ورشيد وسط الدلتا على رأس المناطق التي دفعت بعشرات كبار التجار إلى باقي المحافظات، في هذه الصناعة. وتنتشر صناعة الملوحة من الأسماك النيلية بأسوان وسوهاج وأسيوط جنوبي البلاد، حيث تعبأ في صفائح للبيع في العاصمة وما حولها.

ينتشر باعة الفسيخ والسردين في مدينتي الإسكندرية وبورسعيد (شمال)، وأغلبهم من جذور تعود إلى منطقة شمال ووسط الدلتا، ويعانون حاليا من ارتفاع أسعار الأسماك عقب سيطرة شركات الجيش والحكومة على البحيرات والمناطق الساحلية التي كانت توفر لهم أرضا خصبة للمزارع السمكية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار معدات الصيد والسولار والنقل والكهرباء، ما يجبرهم على تحويل جزء من الزيادة في التكاليف في فواتير الشراء إلى المستهلك الأخير.

المساهمون