توقعات بهيمنة الدولار الأميركي في سوق العملات خلال الفترة المقبلة

توقعات بهيمنة الدولار الأميركي في سوق العملات خلال الفترة المقبلة

06 مايو 2024
الدولار الأميركي يرتفع في أوقات الصراعات ـ 3 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في اجتماعات الخريف بمراكش، كان التركيز على الجغرافيا السياسية والأمن العالمي، بينما تحول الاهتمام في اجتماعات الربيع بواشنطن نحو هيمنة الدولار والأداء الاقتصادي الأميركي المتفوق.
- الأداء الاقتصادي القوي للولايات المتحدة والتضخم المرتفع يعززان مكانة الدولار، مع توقعات بارتفاع التقلبات في الأسواق المالية بسبب الانتخابات الأميركية والمخاطر الجيوسياسية.
- الانتخابات الأميركية والتوترات في أوكرانيا والشرق الأوسط تزيد من تدفقات الاستثمار نحو الملاذات الآمنة مثل الدولار، مما يشير إلى مجال لارتفاع الدولار في المستقبل وزيادة التحوط في الأسواق المالية.

قبل نصف عام، كانت المناقشات في اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش المغربية تتمحور حول الجغرافيا السياسية، مع قدر كبير من القلق بشأن خروج الوضع الأمني العالمي عن السيطرة، وهو ما كان مختلفاً عن الموضوعات التي نوقشت في اجتماعات الربيع التي عقدت الشهر الماضي في العاصمة الأميركية واشنطن، وكان عنوان "هيمنة الدولار" هو الغالب على جلساتها.

بالتأكيد كان هناك الكثير من النقاشات حول الشرق الأوسط وأوكرانيا، ولكن لم يُنظر إلى أي منهما على أنه يمثل تهديداً لصحة الاقتصاد العالمي. وبدلاً من ذلك، كان التركيز على الأداء المتفوق للولايات المتحدة مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى، وما يمكن أن يسببه ذلك من زيادة احتمالات ثبات التضخم في الولايات المتحدة أكثر من أي مكان آخر، مما يمنع بنك الاحتياط الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة، في وقتٍ تستعد فيه البنوك المركزية الكبرى الأخرى لبدء دورات تخفيض للفائدة.

هذا المزيج من العوامل، يقول روبين بروكس، كبير الباحثين المتخصص في قضايا الاقتصاد العالمي والتنمية في معهد بروكينغز، جعل معنويات حائزي الدولار في أفضل حالاتها منذ فترة طويلة. وأكد بروكس أن الانتخابات الأميركية والمخاطر الجيوسياسية الحالية ينظر إليها على أنها مصادر إضافية لقوة الدولار، مما لم يتم تسعيره كاملاً في الأسواق حتى الآن. وضرب بروكس مثلاً بالتقلبات التي تعكسها المشتقات المالية لعملتي اليورو والبيزو المكسيكي، والتي تشير إلى مستويات شديدة الانخفاض، ما يعني أن التقلبات قد ترتفع، ربما بشكل حاد، خلال الفترة المتبقية من العام الحالي.

الدولار وأداء الاقتصاد الأميركي

الحقيقة النمطية التي أعقبت أزمة عام 2008 هي أن النمو في الولايات المتحدة تفوق بشكل كبير على نمو أغلب بلدان العالم المتقدم، وهو ما تكرر في أعقاب الركود الذي ضرب العالم في عام الجائحة، وخرجت منه الولايات المتحدة أسرع من غيرها، وإن كان هناك خلاف على الدوافع الأساسية لذلك.

ويزعم البعض أن هذا الأداء المتفوق يعكس سياسة مالية فضفاضة وهجرة سريعة، في حين يرى آخرون أن طفرة الإنتاجية مرتبطة بأسواق العمل الضيقة. وأياً كانت الأسباب، يُبقي الأداء المتفوق للاقتصاد الأميركي التضخم في الولايات المتحدة أكثر ثباتاً من أي مكان آخر، وهو ما يظهر بوضوح في التقارير الاقتصادية الصادرة عن الإدارة الأميركية خلال الأشهر الأخيرة. ويظل التضخم المرتفع واسع النطاق نسبياً في الولايات المتحدة، بما يتفق مع النمو القوي، في حين يتلاشى زخم التضخم بشكل واضح في منطقة اليورو.

وقبل كوفيد 19، كان معدل التضخم في منطقة اليورو أقل بنحو 70 نقطة أساس من نظيره في الولايات المتحدة، تم تقليصها إلى النصف تقريباً خلال الفترة الحالية، مما يعني أن الأسواق لا تفرق بشكل كافٍ بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، وهو ما يظهر أيضاً من فارق سعر الفائدة بين الدولار واليورو. وأصبح الفارق أقل مما كان عليه قبل تفشي فيروس كوفيد 19، على الرغم من أن الولايات المتحدة تتفوق الآن في الأداء الاقتصادي بشكل أكثر وضوحاً على منطقة اليورو. تشير حقيقة عدم أخذ الأداء المتفوق للولايات المتحدة في الاعتبار في الأسواق إلى أن هناك مجالاً لارتفاع الدولار في المستقبل، وهو ما يفسّر المعنويات المرتفعة لحائزي الدولار في اجتماعات الربيع التي عُقدت الشهر الماضي.

الانتخابات الأميركية والمخاطر الجيوسياسية

ورغم ضبابية المشهد في الولايات المتحدة، حظت انتخابات الرئاسة الأميركية الوشيكة ببعض الاهتمام خلال مناقشات اجتماعات الربيع، وهو ما أظهر أن الأسواق لم تبدأ بعد في التحوط من مخاطر هذا الحدث بأي طريقة مادية، وفقاً لما قاله المستثمرون وتسعير السوق، كما أكد بروكس.

وخلال العام الذي سبق انتخابات عامي 2016، ارتفعت تقلبات الأسواق بشكل حاد مقارنة بالمستويات الحالية، حيث قامت الأسواق بتسعير سياسات أكثر تشدداً من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي، وهو ما يعني وجود فرص لزيادة التحوط فيما يخص الانتخابات المقبلة، ويمثل مصدراً آخر لقوة الدولار خلال الفترة المتبقية من العام. ومن شأن تصاعد الصراع في أوكرانيا أو الشرق الأوسط أن يؤدي أيضاً إلى زيادة التدفقات باتجاه الملاذ الأكثر أمناً وهو الدولار، وفقاً لبروكس.